الجمعة، 29 أبريل 2011

الديمقراطية الاجبارية




تم النشر فى يوم الثلاثاء الموافق 22 مارس 2011
تعجبت مما تمر به البلاد خلال فترة الاستفتاء على التعديلات الدستورية , واخذت ابحث فى الكتب وفى مواقع الانترنت بحثا مضنيا عما تعنيه كلمة ديمقراطية لعلى اكون اخطأت فى فهمى لمضمون الكلمة , فكل الدلائل والمؤشرات من امامى وخلفى وعن يمينى وعن يسارى تشير الى معنى اخر للديمقراطية , وكأننا نعيش فى كوكب اخر غير الذى تعيش فيه الدول المتقدمة والتى تطبق مفهوم الكلمة بطريقة مختلفة عن التى نسير على نهجها ...

فالديمقراطية فى جميع الكتب والمراجع والمواقع الالكترونية لها معنى واحد وهو سلطة الشعب , اى ان الشعب هو الذى يتحكم فى سير الاجراءات السياسية والتشريعية والتنفذية فى الدولة عن طريق حرية مطلقة فى التعبير عن الرأى والنقد لكل مؤسسات الدولة بما فيها الرئيس نفسه , وهو يتضمن حرية الرأى والتعبير المبنى على نبذ اى اجبار او ارهاب فكرى او اى اتجاه لرفض مطلق للرأى الاخر وتهميشه او اى تزوير او غيره , فالبلد التى تطبق الديمقراطية الحقيقية هى التى يحيا شعبها فى حرية كاملة للتعبير عن ارائه وانتقاداته للسلطة واختياراته فى الانتخابات والاستفتاءات بحرية مطلقة دون ضغط او توجيه من جانب معين , وبذلك يكون متاح للجميع الرأى والرأى الاخر بكل مميزاتهما وعيوبهما فيكون اختيار الاصلح هو عن طريق رأى اغلبية الشعب فى اجراءات نزيهة وحرة ...
ولكننا عندما نتناول ماحدث خلال الفترة السابقة للاستفتاء فى مصر سنجد ان جماعة الاخوان والجماعة السلفية قامت بما يمكن ان نسميه جريمة فى حق الديمقراطية التى كانت من المطالب الرئيسية لقيام الثورة الشعبية فى مصر , والاعتراض هنا فقط على طريقة الاخوان فى اجبار الشعب على رأى معين - بغض النظر عن ماهية هذا الرأى ان كان نعم او لا للتعديلات وبغض النظر عن اساس ومبادىء واتجاه الحركات الدينية فهى راى شخصى حر لكل فرد منا - ولكن النقد هنا هو طريقة الديمقراطية المصطنعة التى طبقها الاخوان فى الاستفتاء السابق والتى قامت على الترهيب الدينى فقط ... 

فعندما نجد فى الموقع الرسمى للاخوان خبرا يقول بان هناك افرادا يقومون بتوزيع منشورات تدعو الى رفض التعديلات ثم يصفهم الموقع الرسمى بانهم ممولون من امريكا ويأخذون دعم امريكى لمجرد انهم يختلفون معهم فى الرأى , فاننا يجب ان نعرف ان الديمقراطية فى خطر ...

وعندما نجد كل هذه المنشورات واللافتات التى تدعو الى الموافقة كواجب شرعى دينى , وعندما نجد اى لافتة تدعو الى الرفض وتوضح اسبابها فتمزق تمزيقا فى كل شارع ومنطقة , وحجر الراى فقط على الافتات الداعية الى الموافقة , فاننا يجب ان نعتقد ان الديمقراطية فى خطر ... 

وعندما نجد ان الاخوان يدعون الاهالى الى الموافقة على التعديلات لحماية المادة الثانية من الدستور والتى تخص الديانة الرسمية ومصادر التشريع للبلاد , وعندما نجد الاقباط ايضا يدعون بعضهم البعض الى رفض التعديلات لنفس السبب او للعناد فى اجبار الاخوان للمسلمين على الموافقة - وفى الحالتين التعديلات لا تقترب فى الاساس من المادة الثانية فى الدستور وفى الحالتين سواء بنعم او لا سيتم تغيير الدستور كاملا ان اجلا او عاجلا وكلنا يعلم ان المادة الثانية لن تتغير وهى التى لم يقترب منها خلال اربع دساتير سابقة فى مصر – ولكن المطلوب هنا هو موافقة او رفض على تعديلات تنسق سير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاشراف القضائى وتوقيت كتابة دستور جديد هل اجلا ام عاجلا , وكأنما يرى الاخوان او الاقباط ان الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيتم لتحديد نسبة المسلمين والاقباط فى مصر , وعندما نجد الشعب وهو يتحرك من هذا المنطلق الدينى الوهمى للتصويت على التعديلات , فاننا يجب ان ندرك ان الديمقراطية فى خطر ...

وعندما نجد الشيوخ فى الجوامع فى خطب الجمعة قبل الاستفتاء بيوم - فى معظم محافظات مصر من القاهرة والشرقية والمنوفية والبحيرة وغيرها - وهم يعلنونها صريحة بملء افواههم بان الموافقة على التعديلات هى واجب شرعى لانها تتفق مع مبادىء الشريعة الاسلامية والقران الكريم بل وبعضهم وصل الى تكفير من سيقول لا دون ذكر ماهى هذه التعديلات فى الاساس , فاننا يجب ان نعلم ان الديمقراطية فى خطر ...

وعندما اتناقش مع العديد من اصدقائى – ومنهم طلبة طب وهندسة وعلوم وتجارة – ومع العديد من الناخبين والبسطاء قبل التصويت مباشرة لمعرفة رايهم الشخصى فى التعديلات , فيفاجئنى غالبيتهم بانهم موافقون لحماية المادة الثانية من الدستور دون علم بالمواد المعدلة اطلاقا - ويكأن التعديلات تنص على ان الموافق هو مسلم ولا يريد تغيير المادة الثانية وان المعارض هو مسيحى ويريد تغيير المادة الثانية - فاننا يجب ان نتيقن ان الديمقراطية فى خطر ...

عندما نرى اعضاء جماعة الاخوان وهما يمرون علينا فردا فردا قبل الادلاء باصواتنا مباشرة ويصرون على أن نوافق على التعديلات , لأننا لو رفضنا فهذا يعنى ذلك أن المسيحيين سيقبضون بقبضة حديدية على السلطة , فاننا يجب ان نتأكد ان الديمقراطية فى خطر ...

وعندما نجد كل ماسبق فاننا نستنتج اننا فى طريقنا الى الديمقراطية الاجبارية وهو مصطلح جديد يظهر لاول مرة فى مصر فهى بلد العجائب والغرائب كما عودتنا دائما , فبعد نهاية الاستفتاء واعلان النتيجة اعلن الاخوان انهم سعداء بان الشعب قال كلمته بارادته الحرة واننا ولاول مرة نطبق الديمقراطية الحقيقية فى مصر , ولربما يذكرنا هذا بانتخابات مجلس الشعب والرئاسة فى ظل النظام السابق وتصريحات مبارك واعضاء حزبه بسعادتهم بتطبيق الديمقراطية بعد كل انتخابات - بغض النظر عن المقارنة بين الاخوان والحزب السابق فالاخوان - مهما كان - هم جزء من الشعب المصرى ومن اكبر المتضررين من النظام السابق خلال 60 عاما وهم لا يريدون الا مصلحتهم الخاصة مثل باقى الاحزاب المعارضة - ولكننا نعيب فقط على طريقتهم فى اجبار الشعب على الانحياز لارائهم الشبيهة نظريا بطريقة النظام السابق ثم بعد ذلك يعلنون انها الديمقراطية الحقيقة , فهل هكذا يجب ان تكون الديمقراطية ؟؟؟

والنقد هنا لا يقتصر فقط على طريقة تعامل الاخوان , ولكن يشمل ايضا موقف الشعب نفسه والذى ترك نفسه ينصاع لاتجاهات او مذاهب دينية سواء اسلامية او مسيحية هى التى تحركه فى موقف سياسى بحت لا علاقة له بالدين دون ان يحاول ان يقرا ويفهم وان يعرف ماهى التعديلات وماهو الطريق المترتب فى الحالتين , فتكون مجرد الموافقة او الرفض على اساس دينى فحسب , وعندها يجب ان نسترجع الذاكرة الى الوراء قليلا الى تصريح عمر سلميان لقناة الايه بى سى الامريكية وهو يقول ان الشعب المصرى غير جاهز للديمقراطية واستفز هذا التصريح الشعب باكمله انذاك , ولكن بعد ماذكرت فدعونا نسال انفسنا بصراحة شديدة وبدون دفاع اعمى عن شعبنا العزيز : 

هل الشعب المصرى غير مستعد للديمقراطية ؟؟؟؟
هل الشعب المصرى لا يمكنه ان يختار ويؤيد رأى بحرية ويتقبل الرأى الاخر دون حجر رأيه فقط ؟؟؟؟
هل الشعب المصرى لا يمكنه ان يختار الافضل والاجدر والاحق بعد قراءة وفهم ووعى دون ان ينحاز لافكار وضغوط من اطراف اخرى ؟؟؟؟


الثلاثاء 22 مارس 2011

احمد عاطف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق