الأحد، 22 يوليو 2012

ذلك الشارع العتيق .. فى فترة ما ..



تسمع الأخبار المتناقلة من هنا وهناك فتتخذ قرارك الفوري الذى لا تردد فيه, ترتدي ملابسك علي عجلة من أمرك, تخبر والدتك بأنك ستذهب مع أصدقائك إلي ذلك "المول" النائي فلا تقلق إذا تأخرت, تنزل مسرعاً من منزلك, تقابل أصدقائك في الطريق وتنطلقون معاً, تتعجب من وجهتكم الغريبة, يالسخرية القدر..!! فقد كنتم منذ أقل من العام لا تلتفتون مطلقاً إلي هذه الامور الخطرة ولا تعيرون لها أي اهتمام وكان كل تركيزكم علي جوانب الحياة التافهة.. !!! تقومون بشراء بعض الأدوات الضرورية في تلك الفترة – قبل أن تنسوا- مما تبقى لديكم من أموال, كمامات بخاخة زجاجات خل أربطة شاش وبعض المستلزمات الطبية الاخري.


تتنقلون في حماس عبر المواصلات حتي تصلوا إلي ذلك الميدان المحتشد في قلب العاصمة, ذلك الميدان الذي أصبح رمزاً خالداً أمام شعوب العالم أجمع, كان الوقت ليلاً ولكنه كان يعج بتلك الحشود, وكيف لا وقد اعتادت تلك الحشود المتدفقة -التي وصلت إليها فكرة راسخة واحدة- علي التضحية من أجل الآخرين, من أجل مستقبل أفضل لتلك الامة التي ظلت لقرون عدة تقبع في ظلام الجهل والفقر والتخلف.

الميدان المحتشد
تمرون علي ذلك المستشفي الميداني البسيط في قلب الميدان فتتبرعوا بما معكم من أدوات طبية هم في أشد الحاجة اليها نظراً للظروف الحرجة آنذاك, كانت هناك قرابة العشرة مستشفيات ميدانية وكلها كانت الحركة بها دؤوبة ومرتبكة مما يعكس كثرة الإصابات وخطورتها, في ذلك المستشفى وحده كان هناك عشرات المصابين, هناك من أصيب بطلق ناري, وهناك من أصيب بعشرات البلي -من طلقات الخرطوش- وقد اخترقت جسده بلا رحمة ولا هوادة, هناك من أصيب بخرطوش في عينه وهو يتآوي من الألم وقد أدرك أنه فقدها للأبد, وهناك من فقد الوعي تماماً من أثر الغاز الكثيف, وهناك من أصيب بتشنجات رهيبة تدمي قلوب كل من كان هناك, تبا لتلك القنابل المنتهية الصلاحية والتي يتواتر الحديث عنها بأنه قد تم خلطها بمواد كيماوية محرمة دولياً, تهتز بقوة من أعماق أعماقك وقد استشطت غضباً وتصرخ بكل ما فى داخلك: "يا كفرة!!".

المستشفى الميدانى
تترك أصدقائك وهم يحاولون إنقاذ المصابين المنهمرين علي المستشفي -لما لديهم من خلفية طبية من دراستهم- وتتجه صوب هدفك المنشود, إنه ذلك الشارع العتيق, هذا الشارع الذي أصبح محوراً للأحداث في ذلك البلد, هذا الشارع الذي أصبح قُبلة لكل وسائل الإعلام المحلية والعالمية, هذا الشارع الواسع الذي لم يعيره أحد اهتماماً خلال عشرات السنين وفجأة أصبح أهم شارع في تلك البلاد, هذا الشارع الذي كان يحرك قلوب كل من كان بذلك الميدان في ذلك الوقت, هذا الشارع الذي كان يهز مشاعر ووجدان كل من وصلت إليه تلك الفكرة القوية.

ذلك الشارع العتيق
كان الظلام حالكاً في ذلك الشارع الممتد وكانت كثير من أعمدة الإنارة به قد تم إطفاءها, بداخله تدوي دقات طبول الحرب –بالطرق علي الجدران والأسوار الحديدية- لإشعال حماس الشباب فتهز أعماقك هزاً, ولكن الأعداد كانت هائلة بالفعل, ألوف من الشباب مثلك لا تعرفهم ولا يعرفونك ولكن قد استقرت في وجدان الجميع نفس الفكرة المترسخة, ألوف لا يريدون شيئاً لأنفسهم, ألوف يعلمون أنهم اذا دخلوا الى ذلك الشارع الرهيب قد لا يخرجون مرة اخرى, ألوف يبذلون الغالى والنفيس لإنقاذ بعضهم البعض, ألوف يتركون كل متع حياتهم ودراستهم وأعمالهم ومستقبلهم من أجل حياة الآخرين, من أجل تلك الفكرة المضيئة في عتمة ظلام ذلك الشارع.

الاعداد هائلة بذلك الشارع
تمر ببطء عبر الشارع العميق وانت تتحسس مواطن قدميك بصعوبة بالغة, فالشارع قد إمتلأ عن آخره بالطوب والحصي وفوارغ الخراطيش وغيرها, والظلام يجعلك لا تري شيئاً, تتامل قليلاً ذلك الشارع المهول, تري العشرات يتراجعون للراحة قليلاً ليتقدم آخرين بالتبادل, تجد الكثيرين يلهثون وهم يحاولون استجماع أنفاسهم من أثر الغاز المهلك, الكل قد ارتدي كمامات أو أقنعة أو وضع قطع قماش أو كوفيات حول فمه لإضعاف مفعول الغاز الكثيف بلا جدوي, تسمع أبواق سيارات الإسعاف من خلفك ذهاباً إياباً فلا تهتز, فقد اعتدت علي مثل هذه الأصوات التي كانت مفجعة فيما مضي, تري عشرات المصابين يتم نقلهم عبر الدراجات البخارية من قلب خطوط المقدمة إلي أقرب مستشفي ميداني, تخنق أنفاسك تلك الرائحة النفاذة لقنابل الغاز المميت وانت مازلت في بداية الشارع, فما بالك بالذين في الصفوف الأمامية.. !!! تسمع صوت الطلقات تدوي في المقدمة, مئات ومئات الطلقات تنهال علي رؤوس وصدور الشباب العارية, مئات ومئات الطلقات لا تدرى هل هى خرطوش أم مطاطى أم رصاص حى, لا تعلم, فقط هناك مذبحة وشهداء وتضحيات وبطولات.

نقل المصابين
إنها حقا حرب, ولكنها حرب غير متكافئة إطلاقاً. فانت أعزل أمام الرصاص والخرطوش وقنابل الغاز, انت أعزل أمام جبروت وطغيان كل المؤسسات الأمنية لتلك الدولة, انت أعزل وهم يرتدون الخوذات والدروع, انت أعزل تريد "فكرة" وهم يريدون "قتلك", عندها فقط تتلوا الشهادتين في سرك وتستكمل التقدم بعد أن ارتديت الكمامة –التي لا تجدى نفعاً- وتسلم امرك إلي الله. فقد لا تعود لتري الحياة مرة اخري.

حرب بين عزل وقوات امن مسلحة
تتقدم وانت لا تري شيئاً, فربما يصيبك ذلك الخرطوش من هنا أو هناك, تتذكر كل الذين فقأت أعينهم مسبقاً فتغلق عينك بقوة فلا تريد أن تعيش بعين واحدة, تسخر من نفسك في داخلك "لِما الخوف فربما وانت تسير الآن في الظلام تخترق رأسك رصاصة وتنهى كل الامور في ثواني", فالرصاصة التي تصيب لا يُسمع صوتها.

ظلام دامس بالشارع
تلقى نظرة عميقة فيمن حولك, لا تعرف منهم أحداً, لا تعلم من أين أتوا, فقط الكل مقتنع بنفس الفكرة النيرة, تعلم أنك ربما لن تري معظمهم مرة أخري, فربما سيبتلعك الشارع انت أو هم, ربما سيعتقل أغلبكم لتقبعون في ظلام السجون, ربما ستنتشرون فى أماكن أخري تطالبون فيه بتلك الفكرة النبيلة, فقط كل ما يهم هو أمر واحد فقط, أن الفكرة العظيمة قد ملأت كيانكم بالكامل, أن جميعكم لكم نفس الهدف.

اعداد مهولة مقتنعة بالفكرة المضيئة
تجد الكل يمارس دوراً محدداً من تلقاء نفسه في قلب ذلك الشارع الشامخ, تري أولئك الفتيات منتشرات بالأمام والخلف وهن يحملن زجاجات الخل والخميرة التي تخفف من تأثير الغاز, تجد بعض الشابات تساعدن المنهكين بكمامات وبخاخات, تجد أخريات يقمن بتكسير الرصيف مع بعض الشباب علي جانبي الشارع ثم تجميع الطوب المفتت في قماش أو معدات ويوصلنه بأنفسهن إلي خط المقدمة من أجل الدفاع عن النفس رغم عبثية المحاولة, تلتقط قطع من الطوب والحصي من إحدي الصغيرات وهي تقول لك "خلى بالكو من نفسكو", تجد أيضاً بعض النساء يتطوعن بتشجيع الشباب علي التقدم إلي الأمام, هناك فتيان قد تسلقوا أحد الأسوار التي تطل علي الشارع ليقوموا بعمليات التغطية حينما تتقدم قوات الأمن, تجد بعض الاطباء انهمكوا في علاج المصابين فى أحد المستشفيات الميدانية داخل الشارع نفسه غير عابئين بالقنابل والخراطيش وهجوم القوات, تجد عدداً غير قليل تطوع بإرتداء أقنعة غاز ليهجم علي القنابل الملقاة ويبعدها عن الجميع, تجد شباباً يتراجعون من التعب وآخرون يتقدمون ثم يتبادلون الأدوار مرة بعد مرة, تجد البعض يشكل ممراً لتمر خلاله الدراجات البخارية وسيارات الإسعاف لتنقل في عجلة الحالات الخطرة, تجد أفراداً يتعاونون ويحملون المصابين علي أكتافهم لعدم وجود وسيلة لنقلهم في بعض الأحيان, إنها قمة الإيثار والنبل والتضحيات, أنها أعظم مواقف البطولة, حقا إنهم كلهم أبطال.

فتاة تنقل الطوب وتسلمه اليك
قنابل الغاز الفتاكة تقذف هنا وهناك بكميات رهيبة, في المرة الواحدة ربما تلقي أربعة أو خمسة قنابل فجاة بداخل شارع واحد يعج بالآلاف, بل تلقي بين الشباب أنفسهم ومن تسقط فوقه فسيلقي حتفه فوراً, تقف قليلاً لتلتقط أنفاسك بسبب رائحة الغاز الخانقة, تدمع عيناك وينزل المخاط بقوة من أثر الغاز, الجديد هنا هي تلك الحروق القوية التي تلسع وجهك, إنها رائحة قاتلة حقاً ولأول مرة تشعر بذلك الأثر المريع للقنابل, حقاً أولئك الأوغاد يتطورون في أسلحتهم..!!! تساعدك إحدي الفتيات برش الخل في وجهك, تستجمع أنفاسك حتي يزول تدريجياً مفعول الغاز المكثف.

قنابل غاز مكثفة
تتقدم شيئاً فشيئاً للأمام حتي تصل لخطوط المقدمة الأولي, تتلو الشهادتين مرة أخري, تري الأمن المسعور وهو أمامك علي بعد لا يزيد عن الثلاثين متراً, الطلقات لا تتوقف أبداً, مئات الخراطيش تتطاير في كل شبر, تسمع من حين لآخر صوت الرصاص الحي من فوق إحدي العمارات ليسقط أحد الشهداء ومعه صيحات "لا إله الا الله", لا تكترث بما يدور حولك, فقد استحوذت عليك تلك الفكرة النابضة لتحيي قلبك من جديد, ستضحي من أجل الآخرين, تعطي لمن حولك بعض الطوب وتبدأ فى القاءه نحو الأمن, تعلم إنه لن يجدي نفعاً فهم يرتدون الدروع والخوذات ويستترون خلف مدرعاتهم وحصونهم. 

قوات الامن المسعورة
تتجول بعينك لتري عشر شباب وقد تقدموا كل الصفوف ببضعة أمتار وعلي مسافة قليلة جداً من مدرعات وأسلحة الأمن بصدورهم العارية, هل هؤلاء تركوا قلوبهم بالخارج وأتوا إلي هنا..؟؟ لا تدري, فقط هم ثابتون يتحركون كالأسود لا يخشون شيئاً, ثم تري ذلك البطل أمام مدرعة الأمن علي مسافة محدودة للغاية وهو يرفع علم ذلك الشهيد ومعه علم بلادك يرفرف عالياً, لا يهتز لا يتراجع لا يخاف, كله ما يهمه أن يبقي ذلك العلم مرفوعاً حتي إن سقط الجسد, هؤلاء هم أبطال الخط الامامي, هؤلاء هم أشباح ذلك الشارع الرهيب, هؤلاء ربما سقط منهم بعضهم ربما أُعتقل آخرون, ولكنهم هم الدرع الحقيقي للفكرة العملاقة أمام طغيان الأمن.

اشباح ذلك الشارع الرهيب
تجد الشباب حولك وقد تفننوا في اختراع وسائل لوقاية أنفسهم, هناك من وضع الصفائح والأواني ليحمي رأسه, هناك من ربط زجاجات مياه فارغة حول رأسه, هناك من لف بعض الكرتون المقوي حول رأسه, وفي الخط الامامي نفسه تم إشعال بعض الخشب وإطار إحدي السيارات لتمتص الغاز, كما تم وضع حواجز من الصاج والمتاريس الخشب والحديد لحماية الخط الأمامي ومحاولة منع تقدم الأمن.

جدران حماية ووسائل وقاية مختلفة
فجأة تسمع صوت فرقعة عالية فيما بين الصف الأمامي, لا تميز شيئاً من حولك وقد اختلط الحابل بالنابل وسط تخبط الجميع, ترفع رأسك بسرعة لتري الأمن قد تخطي من بالأمام ويهرول قادماً ناحية الجموع بالعصي والدروع, تتراجع بسرعة مع الجميع ولكن الحركة بطيئة جداً, فهناك جحافل أمامك تحاول التراجع كلها مرة واحدة وتعوق أي منفذ للخروج, تنظر خلفك لترى الأمن يتقدم بسرعة كبيرة مكشراً عن أنيابه متحفزاً بالعصيان, تدرك أنه سيلحق بك لا محالة, لا تدرى ماذا تفعل, تنظر عن جانبيك لتلمح من يسقط بفعل الزحام لينقض عليه الأمن ويبدأ في سحله بلا رحمة في قلب الشارع, تدرك لوهلة أن هذا هو مصيرك المحتوم, فجأة يتساقط من امامك لتسقط فوقهم, تجمع شتات نفسك وتحاول النهوض لتجد آخرين قد سقطوا تحت قدميك لتقع مرة أخري, بعد عدة سقطات تجد الأمن وقد لحق بك لينهال عليك ضرباً وركلاً بكل قسوة فوق كل منطقة فى جسدك, تحاول حماية رأسك بذراعيك وهو يهوي فوق كل شبر بك محاولاً تمزيقك, لا يفرق بين رأس أو ظهر أو ساق, دقيقة فحسب لتجد أن الأمن بدأ فى الإنسحاب سريعاً, حيث أن الشباب جمعوا صفوفهم عند مدخل الشارع المنتفض وبدأوا في الهجوم المضاد بالطوب لإنقاذ المسحولين, كما أن الأبطال فوق الأسوار قامو بدور فعال إلي حد ما في تشتيت انتباه الأمن, تقف لتتحسس جسدك لتجد بعض الكدمات وآثار الركل والسحل ولكنها لن تمنعك من استكمال هدفك, تحرك أطرافك قليلاً لترتاح, تسالك إحدي الطبيبات عن حالتك فتطمئنها أنك بكامل صحتك, تتحرك شيئا فشيئا محاولاً أن تعود مرة أخري إلي خط المقدمة.

هجوم الامن
فجاة تجد أربع قنابل غاز تلقى من قوات الأمن في منتصف الشارع تماماً لتجد إحداها أمامك مباشرة, ساد الهرج والمرج داخل الشارع, المئات يجرون هنا وهناك, تخترق تلك الرائحة الكريهة أنفاسك بشدة, هناك من كان يرتدي قناع غاز بجوارك فهرع إليها ليبعدها عن صدور الشباب, تكاد تفقد الوعي, تحاول الركض مبتعداً عن الرائحة النفاذة ولكن قواتك تخور شيئاً فشيئاً, هناك العشرات ممن تساقطوا ويحاول البعض نجدتهم ولكنك لا تري إلا ظلالاً غير واضحة, فقد أصاب ذلك الغاز عينك بشدة, تتشبث بأحد الشباب المهرول من أمامك ولا تميزه لعله ينقذك, تخور قواك تماماً فجأة, تعلم أنك ربما لن تري الحياة مرة أخري.

قنابل غاز مميتة والقوى تخور
تستفيق داخل المستشفي الميداني لتري وجوه الأطباء بعد أن اطمانوا علي حالتك الصحية ليتركونك سريعاً لإنقاذ غيرك, تعود إلي وعيك شيئاً فشيئاً, تنظر حولك داخل المستشفي لتري ذلك الشاب في ريعان شبابه وبعض الأطباء يحاولون إسعافه دون جدوي, كان مصاباً بإختناق شديد وقد جحظت عيناه وتناثر اللعاب من فمه, بعد محاولات بائسة أعلن الطبيب عن فشله فى إسعافه وربما لن يستقيظ مرة أخرى وطلب نقله فوراً إلي أقرب مستشفي بانتظار المعجزة, تبكي لرؤية ذلك المشهد المؤلم الذي مزق قلبك, ذلك الشهيد جاء إلي ذلك الشارع المشتعل وهو يعرف أنه قد لا يخرج منه مرة أخرى, إنه ضحي بنفسه من أجلك ومن أجل غيرك, تصمم علي الرجوع سريعا إلي قلب الشارع مرة أخرى, ربما لن تعود ولكن ما قيمة حياتك وقد ضحي أطهر وأنقي من في هذه البلد بأرواحهم من أجل تلك الفكرة الخالدة.

بين الحياة والموت
ذلك كان مشهداً واحداً من عشرات المشاهد اليومية المتكررة في ذلك الشارع الملتهب في تلك الفترة, انها من أهم الفترات في نفوس أولئك الشباب, لن ينسي أحد ما شاهده ومر به من تضحيات وأهوال, لن ينسى أحد كم الفدائية في قلوب وأرواح هؤلاء الشباب, لن ينسي أحد كم البسالة في الوقوف بصدور عارية ضد القوة الغاشمة للمنظومة الأمنية.


يجول كل هذا بذهنك وانت تتجول الآن في هذا الشارع الهادىء تماماً, تشتم رائحة ريحان الشهداء عبر الشارع النفيس, حقاً إنه أفضل مكان ترتاح بالتواجد فيه, تشعر كانك فى حضرة الشهداء أنفسهم, ربما اصبح هذا المكان قطعة من الجنة على الارض, تنظر حولك لتتذكر المشاهد من هنا وهناك, تتخيل أصوات الطلقات وسقوط الشهداء والمصابين, تتذكر هرولتك وسحلك في هذه المنطقة, تتذكر سقوطك بفعل الغاز في تلك النقطة, تتذكر لحظة إصابتك بالخرطوش في جسدك بجوار هذا الحائط, يخطر ببالك كيف مرت كل هذه الأحداث ولن تنساها مهما حييت, تمر بذلك الجرافيتي الضخم المعبر على سور كبير مطل علي الشارع, تتساءل هل انتهت الثورة حقا..؟؟ هل تمت سرقتها..؟؟ هل ستنتهى ببعض التفاوضات داخل الغرف المغلقة..؟؟ هل ذهبت دماء الشهداء هباءاً..؟؟

ذلك الشارع الان وبه جرافيتى ضخم
فجاة تسترجع كل ما مر عليك خلال عام ونصف العام, أحداثاً كثيرة, أوقاتاً عصيبة, بسالة فريدة, تضحيات عظيمة, اشتباكات, كر وفر, إصابات, سحل, اعتقالات, محاكمات, تعذيب, تتذكر فجأة تلك الحشود الهائلة التي تشاركك كل الأحداث من أجل نفس الهدف, نعم, رغم كل الظروف الحالية المحبطة وابتعاد صوت الثورة الحقيقي عن السلطة إلا أن الثورة لم ولن تنتهي, الثورة ستنتصر. 

يكفى ما حدث خلال عام ونصف, فربما ما حدث خلال الثورة نفسها لا يساوى إلا نسبة قليلة من تاثيرها, فكانت الثورة نفسها محصورة داخل ميدان أو اتنين, ولكن خلال عام ونصف انتشرت الفكرة وتوغلت بقوة, مع كل حدث أو اشتباك كانت فئة أو كيان أو قطاع جديد ينضم للثورة, مع كل اصابة أو استشهاد كانت جامعة أو مصنع تنضم للثورة, مع كل اعتقال أو تعذيب كانت منطقة جديدة لم تصل الثورة تنخرط فيها, نعم الثورة ستنتصر.

الثورة فكرة تتوغل شيئاً فشيئاً عبر قلوب وعقول فئات كثيرة من الشباب, تعرف كثيرين من أصدقائك كانوا ضدها ولكن مع تطور الأحداث اندمجوا فيها, تعرف مجموعات كبيرة من الشباب كانوا لا يهمهم أمر البلاد حتى أثناء الثورة نفسها ولكن مع الوقت وتلمسهم التضحيات والأهوال التحموا بها, تعرف العديد من الفتيات كن لا يهتمن بالسياسية أو الثورة مطلقاً ولكن مع الحراك الجامعي والشبابي انخرطن فيها, حقاً الثورة ستنتصر.

عندما تذهب إلي أي مكان تجد شباباً لا تعرفهم ولكنهم لديهم نفس فكرة الثورة ومروا بنفس المواقف وضحوا وشاهدوا التضحيات والأهوال بأم أعينهم, ما يجمع هؤلاء الشباب ليس ميدان أو مسيرة أو اعتصام, بل جمعتهم ظروف أقوي وأكبر من ذلك, أحداث تضحيات أفكار مبادىء, بالفعل الثورة ستنتصر.
 
كل ما يحدث الآن هي فترة مؤقتة سيستفيد منها البعض بمكاسب ظاهرية وهمية, ولكن هناك جيل كامل من الشباب –أو ربما 80 % منه- وصلت إليه الفكرة بالفعل, رغم تشتته الحالي إلا أن هذا الجيل اشترك في فكرة واحدة وقد ملأت عليه فكره ووجدانه وتغلغلت في أعماقه, وهناك جيل أصغر شارك وساهم معهم وترعرع علي الفكرة نفسها, إنهم يؤمنون تماماً بالثورة, مهما حاول أولئك "العواجيز المتعفنون" فان المستقبل سيظل ملكاً للشباب فالحياة لا تعود للوراء أبداً, الثورة ستسود ولو بعد 10 سنوات, بالتاكيد الثورة ستنتصر.



تترك كل هذه الافكار جانباً, يصفى بالك لتستنشق هواء الحرية وعبير الشهداء فى هذا الشارع الخالد, ذلك المكان الذى تجد فيه متعتك الوحيدة فى الحياة, انه شارع الشهداء, شارع عيون الحرية, شارع محمد محمود.

شارع الشهداء

شارع عيون الحرية


احمد عاطف
18 يوليو 2012

السبت، 21 يوليو 2012

ازاى تعرف ان ده .. مخبر .. !!!



 ازاى تعرف ان ده .. مخبر .. !!!


 

1- تساله انت مخبر ؟ .. يرد بكلام تانى خالص بعيد عن السؤال وميحاولش ينفى حتى.. كانك بتقول حاجة عادية..


2- تلاقيه بيقولك فى اول الكلام انا لا مع ده ولا مع ده ولا مع حد.. انا جاى اقول رايى ..


3- تلاقيه بيحاول يشككك فى كل حاجة حواليك.. يشوه اى شخصية اى تيار اى حزب.. المهم تفقد الثقة فى الجميع..


4- تلاقيه بيقولك انا كنت 6 ابريل بس سيبتها.. وفجاة يقول انا كنت اخوان واستقلت.. وبعد شوية يقولك انا سلفى بس سبتهم اصلا..


5- تلاقيه عارف معلومات مش عند اى حد.. معلومات وثائق مصادر بيانات.. وبيقولها كانها طبيعى ان اى حد يكون عارفها..


6- تلاقيه شغوف بانه عايز يعرف بيانات دقيقة عنك عن غيرك عن الحركات عن التنظيمات.. بيانات متهمناش اوى لكن تهمه جدا..


7- تحس انه غبى وبيرد بكلام حافظه ومكرر عمال يسمعه من غير فهم.. ومعندوش كلام تانى او افكار جديدة..


8- تلاقيه بيستشهد بكلام ناس زى تهانى الجبالى والزند وعكاشة ومصطفى بكرى.. وطبعا هو مش فاهم اللى بيقوله اصلا..


9- تلاقيه مش قادر يقول كلمة وحشة ضد مبارك او العسكر.. عمال يلف ويدور فى تشويه كل اللى ضدهم وبس..


10- تلاقيه بيشكك فى المعتقلين والشهداء اعدادهم افعالهم صفاتهم سجلهم الجنائى طريقة وفاتهم او اعتقالهم .. !!


11- تلاقيه بيكلمك عن شهداء الشرطة.. عن اقتحام السجون.. عن دفاع الشرطة عن نفسها.. عن اسلحة المتظاهرين..


12- تلاقيه بعد مايسيبك يروح لغيرك وبيعيد نفس الكلام بالظبط.. نازل فى مهمة محددة ويهمه يلعب فى دماغ اكبر قدر..


13- هتلاقيه بيحرضك ع العنف الهجوم التهور.. تقوله انت تبع مين.. يقولك انا مش تبع حد..

14-  ‪ تلاقيه قاعد وراكو ع القهوة.. وعمال يلعب فى موبايله بقاله ساعتين..