الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

إقمع سلطتك وتسلطك



كثير من "الثائرين ضد القمع والظلم" سواء علي خلفية انتماء سياسي أو فكري أو ديني أو لقناعة مطلقة, هم أنفسهم -ولا أبرأ نفسي- من القامعين والمستبدين والفاشيين, لأن طبيعة البني آدم هي محاولة السيطرة وممارسة التسلط بالقول أو الفعل وعدم الاعتراف بالأخطاء, غالبيتهم عايزين الناس اللي في صفهم زيهم كنسخ مماثلة منهم "زي الفيروسات يعني", مينفعش يبقي فيه تنوع في وجهات النظر أو اختلافات فكرية بصورة كبيرة أو محدودة, مينفعش تبقي فيه مراجعات وتغيرات فكرية في لحظة ما.. غالبيتهم لا يتقبلون وجود "الآخر" تماماً: رأيه أو فكره أو سلوكه.. لا يستوعبون تبعات عشرات السنين من الجهل وعدم الوعي وآثار الموروث المجتمعي والثقافي المنغلق.. فيه منهم وصل لمرحلة إنه لا يتقبل وجود "أشخاص لم ينزلوا فترة ما قبل الثورة أو شاركوا وسط فترة الـ 18 يوم أو التحقوا بعدها".. هؤلاء "الثائرين ضد القمع والظلم" ميعرفوش إنهم فاشيين برضه, لأنهم متحطوش في موقف سلطوي بصلاحيات واسعة أو لأن طبيعة البشر عدم الاعتراف بالخطأ أو لأنه هناك دائما المبرر الآخر المقنع للفعل أو الفكرة من زاوية مختلفة لعدم وجود حقيقة مطلقة..




"الشرطة" مثلاً مش بس الداخلية بجهازها ومؤسساتها, "الشرطة" هي كل شخص بيقمع اللي أقل منه بنفوذه أو سلطته أو بثروته وفقاً لبيئته وظروفه المجتمعية, يعني ممكن مدير في شركة أو منسق في مجموعة فريق عمل ويبقي اسمه "شرطة".. الفرق بس إن الجهاز المسمي اصطلاحاً "الشرطة" هو اللي في إيديه غالبية السلطات والنفوذ فبيكون الأعنف والأشرس والأكثر إجراماً.. ببساطة, لو تم حل جهاز الشرطة بالكامل وجابوا أفراد من "الثائرين ضد القمع والظلم" أيا كان انتماءاتهم أو توجهاتهم هيفضلوا في نفس المسار.. وده مش مبرر أبداً للفعل, ولا ليه علاقة بمنطق "كلنا غلطنا" لأن ببساطة الخطأ في السلطة غير الخطأ في الشارع.. ربنا يحفظنا من شر المناصب والسلطة..



طب إحنا إيه؟ إحنا مع الشارع وضد ظلم وقمع أي سلطة في المطلق, إحنا اللي قاعدين تحت المكاتب الحكومية عشان نبيض علي ولاد الوسخة سواء كانوا داخلية أو عسكر أو إسلاميين أو ليبراليين أو إشتراكيين أو قوميين أو أي عصابة في الحكومة.. التغييرات هتبقي نسبية أو واسعة, لورا أو لقدام, علي مدار سنين طويلة, جايز نوصل لحاجة كبيرة أو أجيالنا هي اللي توصل.. ومن تجارب التاريخ طريق التغيير بيبدأ بخطوة, بيبدأ بشوية "المجانين" اللي بيكونوا مؤمنين تماماً إنهم هيغيروا العالم..

أحمد عاطف
10 ديسمبر 2014