الأحد، 11 يناير 2015

بوست بضين فشخ عن الوقت


إحنا عندنا 24 ساعة, ودول كتير, خصوصاً إنهم بيتكرروا كل يوم بنفس العدد, والأزمة اليومية إزاي هنعديهم بصورة أكثر انسيابية وأقل مللاً وإزعاجاً.

الحل اللي اثبت فعاليته معايا "البيات الشتوي الحيواني": قليل الحركة, قليل الكلام, قليل التفكير, قليل الأكل, كثير النوم, خصوصاً لما يكون مصحوباً بالاستمتاع بـ 96 فيلم -من أنواع وأنماط وأعوام وثقافات ودول مختلفة- في 16 يوم, وقت مستقطع مهم بالنسبالي عشان شوية صفاء ذهني وسلام روحي ومراجعات فكرية.

فكرة "مراقبة عقارب الساعة من أجل تمرير الوقت" مخيفة, ولما تكون "بدون حد زمني" هي أكثر رعباً, لأنه نهايتها "العدم", يمكن يكون ده فعلاً نقطة نهاية الحياة لكل بني آدم أو لمسار التغيير أو للكون عموماً, لكن تاريخياً وجغرافياً ومنطقياً لازم فيه في النص محطات تغيير كتيرة, سلبية أو إيجابية, بطيئة أو سريعة, نسبية أو جذرية.
"العدم" هو منتهى احساس المعتقل مع اختلاف بعض الظروف والعوامل المحيطة مع اللي بره, زي ماهو منتهى أفكار أي مواطن "عائم داخل المنظومة" بدون إرادته أو بإرادته.
مهم إننا -كل فترة- نعمل وقت مستقطع بحد زمني, عشان شوية راحة وهدوء وترتيب أفكار وأهداف واهتمامات وتغيير نمط الحياة, ده للي لسه متواجد في البكابورت اختيارياً أو اضطرارياً ومتأثر بيه حتي لو مكنش بيؤثر عليه.

محمد شريف -أحد معتقلي ذكري الثورة بالدقي وخرج بعد قرابة 5 شهور حبس- كتب رسالة بعد 100 يوم حبس بيتكلم فيها عن تطور انعدام الاحساس بالوقت ومرحلة العدم:::
في أول أيام السجن تفكيرك تقريبا بينحصر في ذكريات القبض عليك ويومين قبلها, والحاجه التانيه أنا هقعد هنا أد إيه ؟؟؟
بعد مرور 20 يوم تقريبا بتحس بإحباط كبير وتراجع في المعنويات و رغبه عارمه في الخروج والإنتقام بكل الطرق الممكنه !!
بعد 45 يوم بتفقد الأمل تدريجيا في الخروج وبتتعب نفسيا جدا من تفكيرك في تعب أهلك وصحابك , ومدي أهمية الحبسه دي , وهل هتغير حاجه فعلا وتخلي الناس العاديه تتكلم ولا لا ؟؟!!
أحب أقولكم إن بعد 60 يوم كل حاجه بتتقابل بلا مبالاه تقريبا .. ومفيش حاجه بتشغل بالك غير اليوم هيعدي إزاي ؟! وهتأكلوا إيه النهارده ؟! ومين خارج زياره من عندك عشان تبعت معاه رسايل ؟!!
بعد 90 يوم بيجيلك راحه نفسيه رهيبه ومش مهم تخرج لأنك بقيت سجين قديم (يعني خبره ) , هيعملوا فيك إيه تاني بعد السجن ؟!! هيعدموك ؟!!

"مراحل التغير السريع أو البطيء للمعتقل بمرور الوقت حتى مع التكيف والإندماج البدني والمعيشي والنفسي مع السجن استيعاباً أو استسلاماً" ناقشت الفكرة دي كتير مع نفسي ومع صحابي, من منظور واقعي مش عن فكرة الشجاعة أو الخوف من السجن أو التضحية. بس فيه شيء واقعي هنا, إن الفرق بين اللي جوه واللي بره: كل واحد جوه مش قدامه إلا وقت مستقطع فقط, وقت مستقطع مستمر من حياته, تمرير الوقت من أجل تمرير المزيد من الوقت, لحين معاد الخروج أو العدم.

انت بره, اعمل إعادة تهيئة لكيانك, ولو جذرياً, لكن متعتقلش نفسك.

أحمد عاطف
11 يناير 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق