مسيرة مدينة نصر
فى البداية قمت بالمشاركة فى مسيرة مدينة نصر والتى انطلقت
من مسجد رابعة بعد صلاة الجمعة واتجهت مباشرة الى وزارة الدفاع من ناحية العباسية تبعا
لرغبة المشاركين رغم ان الاتفاق فى البداية على الانضمام الى مسيرات مصر الجديدة
والاتجاه الى وزارة الدفاع من ناحية كوبرى القبة.. شارك معنا العديد من الحركات
والانتماءات ابرزهم حركة 6 ابريل ومجموعة كبيرة من طلاب طب عين شمس ورفعت المسيرة
اعلام الشهيد ابو الحسن.. الاعداد كانت معقولة جدا ربما تجاوزنا الـ 10 او 15 الف
فى اخر المسيرة.. وصلنا الى ميدان العباسية بحلول الساعة 3 عصرا وكانت
الحشود هناك رهيبة فالاعداد كانت تملا ش الخليفة المأمون من بوابة المدينة
الجامعية الى ميدان العباسية وايضا الحشود كانت كبيرة بداخل ميدان العباسية نفسه..
ربما تجاوزت الاعداد 200 او 300 الف او اكثر بكثير..
بداية الاشتباكات
بمجرد وصولنا الى نفق العباسية وجدنا ان الضرب قد بدا من الناحيتين.. الناس تهرول هنا وهناك وصفارات الانذار تدوى.. هرع الجميع الى الخطوط الامامية ووجدت ان الاشتباكات من الطرفين بالطوب وتقوم قوات الجيش برش الماء لتفريق المتظاهرين.. والمياه - لاول مرة - كانت تحرق الجسم واعتقد الكثيرين ان بها بعض الجير ولا اعلم ماهى طبيعة المادة بداخل المياه.. سالت من هناك عن سبب الاشتباكات فاخبرونى انه كان هناك شاب عبر السلك الشائك فقام 20 جندى بسحله ثم سحبوه واعتقلوه امام الالاف فهاج الجميع..
مع استمرار الاشتباكات لمدة ساعة تقريبا.. سقط عشرات المصابين
من طرف المتظاهرين ولم ار سقوط مصابين من الجيش فهم كانو يحملون الدروع والخوذات
تحميهم من الطوب.. وكان المتظاهرين فى الصفوف الاولى قد قاموا بعمل مصدات من الصاج
الخاص بمشروع داخل ش الخليفة المامون.. حاول فى البداية
بعض البلطجية التابعين للجيش - او المواطنون الشرفاء - ان يقوموا بالقاء الطوب من داخل المدينة الجامعية على الناحية اليسرى للمتظاهرين لاجبارهم على مبادلتهم الاشتباكات والقاء الطوب داخل
المدينة.. ولكن شباب المدينة الجامعية والمقيمين بها قامو بردع البلطجية وانتهى
الامر سريعا.. ومع الوقت بدا استخدام الخرطوش على مراحل
ثم تطور الامر لاستخدام محدود لقنابل مسيلة للدموع فى البداية.. هذا كان فى الساعة الاولى..
النقطة الواجب ذكرها هنا ان الكر والفر كان من جانب
الجيش وليس العكس.. والجيش من قام بازالة السلك الشائك.. فلم يقم المتظاهرين
بالتقدم خطوة عبر السلك الشائك بل قام الجيش بازالته ثم التقدم والرجوع الى نفس
النقطة..
ابطال فى الصفوف الاولى
رايت ابطالا فى الصفوف الاولى.. فهناك كان شابان قد صعدا على شجرة - بالتبادل - بعد الخط الامامى للمتظاهرين وامام قوات الجيش مباشرة بمسافة قليلة جدا وهم يرفعون علم مصر دون اى دروع او خوف..
ورايت بطلة اخرى وهى ترفع علم السويس فى الخط الامامى للمتظاهرين وتجرى به يمينا ويسارا وسط الغاز والطوب والخراطيش دون ادنى خوف..
مشهدان مؤثران لاتنين من المصابين اثناء الاشتباكات
لن اتحدث عن المصابين كثيرا ولكنى اخص بالذكر شابين
فقط.. شاب كان يقف على سور المدينة الجامعية وغالبا كان يصور بجانب مراسل الجزيرة
الذى التقط مشهد الاشتباكات فى البداية.. ومع ضرب الخرطوش وجدت هذا الشاب وقد اصيب
بخرطوش فى اصابعه وقد قطع احد اصابعه واصاب اخرين.. راينا الشباب يقومون بانزاله من
فوق السور باصبعه المقطوع المتدلى منه كان مشهد قشعر الابدان وانخرط معه الكثيرين
فى البكاء..
المشهد الاخر كان لصبى اصيب بحجارة الجيش فى وجهه وكان وجهه ينزف دما بغزارة.. ورغم ذلك واثناء نقله على الموتوسيكل للمستشفى الميدانى كان الصبى يرفع بعلامة النصر وهو يصيح "انا كويس انا كويس خشو متخافوش"..
المشهد الاخر كان لصبى اصيب بحجارة الجيش فى وجهه وكان وجهه ينزف دما بغزارة.. ورغم ذلك واثناء نقله على الموتوسيكل للمستشفى الميدانى كان الصبى يرفع بعلامة النصر وهو يصيح "انا كويس انا كويس خشو متخافوش"..
فوق كوبرى المشاه
بعد استمرار الضرب لمدة ساعة عدت الى كوبرى المشاه فى بداية الخليفة المامون على بعد قرابة 200 او 250 متر من الاشتباكات.. وجدت الاعداد قد كثرت بطريقة غير طبيعية ربما باقى المسيرات قد وصلت بالفعل.. اثناء رجوعى الى الكوبرى وجدت ان المستشفيات الميدانية فى وسط وبداية الشارع قد تضاعفت ووصلت ربما الى 8 او 9 مستشفيات لا اعلم تحديدا وكلها كانت ممتلئة بالمصابين.. كانت حركة الموتوسيكلات ونقل المصابين لا تهدا..
مع وصولى الى كوبرى المشاه رايت الطائرة الهليوكوبتر وهى
تحلق فوق رؤوسنا على ارتفاع منخفض للغاية وتدور فى محيط ميدان العباسية وشارع
الخليفة المامون مرات عديدة.. كان قد بدا الجيش فى القاء القنابل المسيلة للدموع وضرب
الخراطيش بغزارة شديدة.. وقد اخترقت سيارات الاسعاف الحشود لتنقل العديد من حالات
الاختناقات والاصابة بالخراطيش.. ثم قام المتظاهرين بحرق الكاوتش لامتصاص الغاز من
القنابل وهى حركة تم اكتشافها خلال احداث محمد محمود.. استمرار الكر والفر لمدة نص
ساعة مثلا..
اطلاق كثيف للغاز والخراطيش وتقدم الجيش الى ميدان
العباسية
فجاة قام الجيش بالقاء كثيف للقنابل المسيلة للدموع وعلى مسافات بعيدة مع التقدم الى الامام بسرعة.. وبدا تقهقر المتظاهرين للخلف بسرعة حتى اقتربو من كوبرى المشاه.. هنا هرول كثير من فوق الكوبرى – وانا منهم - نزولا وانسحابا الى ميدان العباسية.. استمر القاء القنابل لمسافات قريبة من الميدان ربما لـ 50 متر فقط.. وصلت الى الميدان وقد انهكنى استشاق الغاز فانا مصاب بحساسية الصدر.. كما ان القنابل الملقاة اكثر قوة وفعالية من قنابل محمد محمود فهى تحرق الجلد وتصيب الجهاز العصبى واعتقد البعض انها غاز اعصاب.. فاستنشاق بعض الغاز اصابنى ليومين متتاليين بضعف شديدة فى الجهاز العصبى وكان جسمى كانه مخدر ومفكك..
اعتقدت فى البداية انه كر وفر عادى وهو ماتقوم به عادة
قوات الجيش والشرطة فى الاحداث السابقة فهى تضرب المتظاهرين ثم تعود للخلف مرة
اخرى.. ولكنى فوجت بعد قليل بان القنابل تلقى داخل الميدان والشباب يلقى بنفسه من
فوق سور بجانب النفق ربما يصل ارتفاعه لثلاث امتار.. ثم يظهر الجيش من خلفهم ويتقدم
ويظهر فوق النفق – فوق بانر هنقابلكم فى الجنة ان شاء الله – ويستمر فى ضرب
القنابل والخرطوش.. وتظهر فجاة مدرعات الشرطة لتطوق ش امتداد رمسيس من ناحية صلاح
سالم..
اثناء الفرار من كوبرى المشاه الى الميدان رايت شباب يصلون خارج الخيم مع الحشود المتجاوزة لها.. رايت الكثير من المصابين المتساقطين غير قادرين على الحركة او فاقدى الوعى من اثر الغاز فى المستشفيات
الميدانية.. رايت اطباء منهمكون فى علاج المصابين وكل الحشود تتقهقر من حولهم.. لا اعلم ماذا كان
مصيرهم.. ولكنى اعلم انهم هؤلاء هم الابطال الحقيقيون فعلا.. حاولت سيارات الاسعاف
الدخول الى الصفوف الامامية لنقل العشرات ممن تساقطوا داخل من القنابل الغزيرة او
الخراطيش داخل ش الخليفة المامون.. ولكنها سريعا ماتراجعت بعدما وجدت قوات الجيش
فى وجهها وكان السائقين والمسعفين انفسهم يهربون من داخل سيارات الاسعاف مع انهمار
القنابل..
موقعة 28 يناير فى ميدان العباسية
استمر الوضع فى الميدان قرابة النص ساعة وانا لا اصدق ما
اراه.. موقعة 28 يناير تتكرر مرة اخرى ولكن باشتراك قوات الجيش والشرطة والبلطجية
معا.. الجيش وعشرات المدرعات فى مدخل ش الخليفة المامون وضرب شديد للقنابل
والخراطيش مع حرق الخيم بالطبع وكان الدخان متصاعد من خلفهم ناحية الخليفة المامون بكثافة كبيرة.. وكان هناك رصاص حى بغزارة تجاهنا لا اعلم هل هو فى الهواء او ضد اناس
فى الصفوف الامامية.. لم يكن لدى القدرة على التفكير من هول الموقف.. ومدرعات
الشرطة تحاصر وتغلق الطريق المتجه الى صلاح سالم.. خلفنا كان البلطجية منتشرون
داخل العباسية وكان يحاول اهالى العباسية منع المتظاهرين من الدخول الى هناك..
وكانت الهتافات تتعالى من بيننا "لا احد يدخل العباسية كلها بلطجية الان"..
المتظاهرون كانو فى كل مكان هناك عشرات الالاف فى الميدان.. وعشرات الالوف تتجه
الى شارعى لطفى السيد وامتداد رمسيس والجيش والشرطة يضربوا بالخراطيش فى كل مكان..
وهناك العشرات فوق كوبرى 6 اكتوبر ورايت مصابين بالاعلى.. بقى طريقان فقط وهو ش
لطفى السيد الموازى لخط المترو والذى كان فيه بالفعل الالاف والالاف يهرولون لا
اعلم كم بالظبط.. وطريق ش امتداد رمسيس المؤدى الى الكاتدرائية وكان به بالفعل
ايضا عشرات الالوف.. صراحة شل تفكيرى ولم اعلم اين اتجه.. لوهلة خشيت من تكدس
الاعداد بهذين الشارع وانا ارى المدرعات تطاردهم وتجرى خلفهم..
القصف والارهاب داخل شارع العباسية الرئيسى.. نصف ساعة فى
محاولة للهروب منه
رجعت الى داخل ش العباسية وسلمت امرى الى الله.. لم يكن
يستطيع الاهالى منع المتظاهرين من الدخول بعد الكر والفر الرهيب داخل الميدان..
كان فى الشارع قرابة الخمسة الالاف هناك من كان امامى وهناك من دخل شوارع جانبية
وهناك من كان فى مقدمة الشارع ويلقى الحجارة على الجيش والشرطة.. نظرت خلفى لاجد ان
الشرطة تقدمت الى مدخل الشارع وهى تلقى القنابل بغزارة والخراطيش بصورة شديدة..
وجدت احد اصدقائى امامى لم اجد فرصة لتبادل الحديث معه فسرعان ماسمعنا طلقات
الخراطيش والرصاص والقنابل فكل جرى فى ناحية.. اخذت اجرى واجرى فى وسط الشارع مع
قرابة 200 متظاهر وانا اخبىء راسى واقول الشهادة مرات عديدة مع سماع دوى الرصاص فى
قلب الشارع..
فجاة نظرت امامى لاجد ان مدرعات الداخلية قد جهزت كماشة
واغلقت الشارع فى منتصفه بالعرض.. والشوارع الجانبية كلها كانت حوارى ضيقة مغلقة
او بها بلطجية متحفزين لنا.. خلفى كنت اسمع دوى الرصاص والخراطيش.. خشيت ان احاول
الاختباء باحد المحلات او البيوت فيسلمنى الاهالى الى الجيش.. فكانت تنصب علينا
اللعنات واقذر الشتائم ونحن نجرى..
وجدت فجاة صاحب فرن وهو يدخل شاب وفتاة من الفارين الى
داخل المحل.. هرولت الى داخل المحل وانا اترجاه واتمتم بكلمات لا افهمها.. اكتشفت
ان الفتاة والشاب المختبئان من مراسلى جريدة الوفد.. انتظرت بالداخل لمدة ربع ساعة
مثلا حتى هدا الضرب والقصف لفترة.. كانت الساعة تشير الى الخامسة والنصف مثلا..
خرجت واخذت ابحث عن شارع جانبى لافلت من جحيم شارع العباسية وكماشة الشرطة
والبلطجية.. هنا وجدت شاب يبدو انه من المتظاهرين وقد جرى خلفه وامسكه قرابة
العشرين بلطجى بالسنج والمطاوى لعمل "حفلة عليه".. وجدت بلطجى يخرج من
شارع جانبى وهو يمسك ساطور كبير ويمر من جوارى على بعد مترين متجها الى ذلك
المتظاهر المسكين.. كنت مرعوبا للغاية ولكنى كنت اسير هادئا تماما وكانى لا علاقة
لى بما يحدث.. ولو كنت فكرت فى ان اجرى او اتوتر للحظة لكانت حتما هى نهايتى..
ساعة رهيبة داخل حوارى العباسية
وجدت شارع جانبى انقذنى من هذا الجحيم.. اخذت اسير واسير
واسير وامر عبر شوارع جانبية عديدة.. وفى كل تقاطع اجد بلطجية متجمعين لالتقاط المتظاهرين
الفارين او الملتحين من هنا او هناك.. واحيانا اجد اهالى عاديين قد نزلوا ليشاهدوا
ما يحدث.. كنت احاول ان ابدو هادئا ومنسقا.. ارتديت النظارة الطبية والقيت كل
المنشورات والورق الخاص باسقاط العسكر.. واحاول ان ابدو وكانى واحد من الحي واتابع
ما يحدث.. فكرت ان احاول الوصول الى ش امتداد رمسيس عند الكاتدرائية مثلا ثم اصل
الى مترو غمرة وكنت اعتقد انه من المستحيل ان يصل الجيش الى هذه النقطة.. حاولت
مرتين ان اخرج الى شارع امتداد رمسيس الرئيسى عند الكاتدرائية لاذهل من المشهد.. الجيش
يتقدم بمدرعاته وكتائبه ويلاحق المتظاهرين فى الشارع الواسع.. هناك من يتم اعتقاله
وسحله وضربه بعنف شديد.. والاهالى يتجمعون امام المحلات من ناحية العباسية ويتابعون
ما يحدث ببرود..
لم احتمل المشهد فانسحبت بهدوء الى الخلف وبدات افكر فى
مخرج امن غير امتداد رمسيس او اى محطة مترو.. اريد مفرا من هذه الحوارى والشوارع
الجانبية التى لا تنتهى.. لا اريد الرجوع الى شارع العباسية الرئيسى لاجد هناك
الشرطة والبلطجية.. فكرت فى انى اسير فى شوارع جانبية حتى الوصول الى ميدان العتبة
ولكنه كان مازال بعيدا جدا.. فكرت فى ان اتوسل لصاحب اى محل واترجاه ان يخبئنى
عنده لفترة حتى انتهاء الاحداث ولكنى خفت من تسليمى للجيش.. فاغلب الاهالى كنت
اسمعهم من المحلات والبلكونات وهم يسبون الثوار والمتظاهرين.. معظم العمارات كانت
ابوابها موصدة.. بالتاكيد رايت الكثير من الفارين من الجحيم فى الشوارع الجانيبة
ونحن نبحث عن مخرج دون جدوى.. فتحت تويتر لابحث عن اى مخارج او احد من العباسية
يوفر لى منفذا امنا ولكن لم تكن هناك تغطية للشبكة.. فتحت خرائط جوجل للعباسية - وكانت
عندى صور جاهزة - وجدت ان المسافة كبيرة جدا الى مناطق امنة مثل ميدان العتبة مثلا
واننى سأمر بالعديد من نقاط البلطجية وتجمعات الاهالى فى الشوارع ولا اضمن هل سيلقون
القبض على ام ساكون محظوظا وافلت منهم كما سبق..
ميكروباص الخلاص
فكرت ان احاول ان اخرج بهدوء الى شارع العباسية الرئيسى
فربما قد انصرفت الشرطة.. بدا الشارع امامى من بعيد انه هادىء.. وصلت الى الشارع
اخيرا لاجد ان الشرطة غير موجودة.. ولكن كانت هناك حركة غير طبيعية فلا اعلم هناك الكثير
من التحريات العسكرية والبلطجية او الموطنين الشرفاء.. لا اعلم شيئا..
فجاة تنشق الارض لاجد امامى المنقذ.. مينى باص للنقل
العام يقف بجانبى وينده السائق على وهو يقول "امبابة امبابة اركب بسرعة
امبابة امبابة".. لوهلة فكرت ان هذا ربما كمين من امن الدولة والتحريات..
فسمعت ان هناك اناس بزى مدنى يتحكمون فى ميكروباصات بيضاء تحمل الناس الى اماكن
مجهولة.. نظرت نظرة سريعة على الراكبين لاجد معظمهم ملتحين وشباب ولم الحظ من يبدو
عليهم تحريات او امن دولة او بلطجية.. كان لابد من قرار سريع والا سينطلق
الميكروباص لابقى وحدى فى الادغال.. توكلت على الله وقولت "خير ان شاء الله
ويكون ده طريق النجاة ولو هيعتقلونى احسن عشان ارتاح من العذاب ده".. بدخولى
وجدت الحركة طبيعية واطمأن قلبى.. حمدت الله وشكرت السائق من اعماق قلبى فهو جازف
ودخل فى قلب الشارع بعد الاشتباكات مباشرة لينقذ المحاصرين..
شهادات حية فى ميكروباص الخلاص
بعد صعودى بدا الجميع فى الانفجار من هول الموقف.. وكل
بدا يقص ما مر به من اهوال.. هناك قصتين مؤثرتين لراكبين كانا معى على
الميكروباص..
هناك شهادة لشاب اخبرنى انه متاثر بشدة لانه راى رجل
عجوز وقد امسكه البلطجية امامه وهم ينهالون عليه ضربا بالمطاوى وفى كل مكان بجسده
وهو لا يستطيع ان يتحرك لينقذه.. بل تابعه بعينيه وكانه احد البلطجية والا كان
سينال مصيره.. واستطرد الشاب وهو منهار "حقيقى اكتر لحظة حسيت فيها بالعجز
وانى مستاهلش الحياة لانى العجوز كان قدامى بيطحن وانا مش قادر اتحرك وعامل نفسى
مش واخد بالى "
الشهادة الثانية كانت لشابين من الملتحين اخبرانى انهما
من حزب النور وليس لهما علاقة بالاحداث نهائيا.. هما لا يؤيدان حازم ابو اسماعيل
ولا يؤيدان الاعتصام امام وزارة الدفاع ولا اى شىء.. وقد ذهبا الى ميدان التحرير
فى بداية اليوم وكانا سينصرفان لولا ان الح صديق لهما على الذهاب الى العباسية
لمشاهدة الاشتباكات.. وبالفعل ذهبا وكانا متواجدين داخل الميدان على مسافة قرابة
النصف كيلو متر او اكثر من الاشتباكات.. وعند اقتحام الجيش لميدان العباسية فرا
الى داخل العباسية ليحتجزهما بلطجية وسرقوا كل ماكان معهما ويرفعوا السكاكين على
رقابهما ويعلنوا انهم سيقتلونهما فورا.. عند هذه النقطة اهتز المشاب الملتحى امامى
من هول الموقف ويكاد يبكى وهو يستكمل "كانت امامى لحظات واموت ولا حول ولا
قوة الا بالله".. ثم يشتبك البلطجية مع بعضهما البعض لاختلافهما على قتلهما
ام تسليمهما للجيش او اطلاق سراحهما.. وفى النهاية اخرجهما البعض ليهربا فورا ويلحقوا
بميكروباص الخلاص هذا..
الخلاصة
ما حدث ليس تطرف من فئة مندسة و"هما ليه بيروحو عند
وزارة الدفاع".. الاعداد هناك كانت تتجاوز ال 200 او 300 الف بالفعل.. وهى
اضخم حشود امام وزارة الدفاع فى مصر منذ عشرات السنين.. ويمكنكم متابعة مقال تميم
البرغوثى من هنا كشاهد عيان على الحشود وقوتها..
لم تتجاوز نسبة
الملتحين 15 فى المائة مثلا.. الحشود معظمها شباب غير مسيس او من كل الانتماءات.. لو
كانو هؤلاء مندسين او مخربين.. اذن الشعب هو مندس ومخرب لان هؤلاء كانو من الشعب..
هما ايه اللى وداهم هناك
لن ادافع عن
الذهاب الى وزارة الدفاع ولكن يكفى ان اقول ان الذهاب ليس للاقتحام.. لن تقتحم الحشود
الوزارة بطوب.. وحتى الطوب كان مجرد وسيلة للدفاع عن النفس ضد الطوب والخراطيش وقنابل الغاز.. واذا اراد الـ 200 الف الاقتحام لكانوا قد دخلوا.. وانت تلاحظ معى منذ
البداية الهجوم والرجوع كان من قبل الجيش باستخدام القنابل المسيلة للدموع ولم
يزل المتظاهرين السلك الشائك ومن ازاله وتقدم هو الجيش..
ولكن كان الذهاب الى المقر لايصال رسالة الى المجلس العسكرى الحاكم للبلاد وليس القائد للجيش كما ذهبت المسيرات الى قصر العروبة يوم تنحى المخلوع.. ولو اراد الجيش فض التظاهرات كان يكتفى بقنابل الغاز والكل كان يتراجع بسرعة.. ولكن الجيش وصل الى ميدان العباسية على بعد نصف كيلو مثلا من السلك الشائك ثم لاحق المتظاهرين بالمدرعات والرصاص والقنابل والبلطجية الى غمرة.. اى مسافة محطتين مترو لا اعلم كم هى المسافة تحديدا ولكنها مسافة كبيرة جدا.. هرب بعض المتظاهرين الى داخل محطة الدمراش ليقتحمها الجيش ويلاحقهم.. جرى البعض الى السكك الحديدية للمترو وعبروها الى الناحية الاخرى ليطاردهم الجيش على القضبان.. لاول مرة نرى مدرعات الجيش وهى تقتحم الكبارى والشوارع فى قلب القاهرة وتطارد المتظاهرين والمارة فى الشارع بالخراطيش والبلطجية..
لن اتحدث عن حق
التظاهر السلمى امام وزارة الدفاع اذا انت ترى عكس ذلك.. ولكنى اتكلم هنا عن القتل
والسحل والسحق والضرب لمسافة محطتين مترو وكماشات وملاحقات فى الشوارع.. كيف يكون
البلطجية والجيش والداخلية فى صف واحد.. كيف يتم اعتقال 650 متظاهر من بينهم
الصحفيين والاطباء والمرضى والفتيات والقصر دون 15 سنة.. كيف يتم التعذيب الرهيب
والسحل للمعتقلين والمصابين.. كيف يتم التحرش بالفتيات مع السب والبصق وعمل كشوفات
العذرية داخل سجن القناطر على المعتقلات من الطبيبات والقصر والطالبات وغيرهن.. هناك
قرابة الالف مفقود ولا احد يعلم هل هم قتلوا ام اين هم الان..
حرب ابادة للثوار
ماحدث هو نفس تكرار احداث محمد محمود او مجلس الوزراء.. ولكن الاربع ساعات التى حدثت فيها الاشتباكات اقوى واعنف من اى فترات مرت خلال اية احداث سابقة.. بالفعل كانت هناك حرب بالاسلحة والكتائب والمدرعات والرصاص والبلطجية لابادة الثوار تماما.. ما كنا نراه خلال الاحداث السابقة كان مجرد كر وفر من الجيش او الداخلية والمتظاهرين.. كان تقدم وتراجع.. وحتى عندما قام الامن المركزى بسحلى فى احدى مرات الكر والفر فى احداث محمد محمود لم يكن لدى هذا الرعب كما فى احداث العباسية.. ففى محمد محمود كنت اعلم انهم يتقدمون وسيرجعون سريعا او حتى لو سحلونى فكانت مجرد بعض الضربات والسحل حتى لا اعود مرة اخرى وحتى وان اعتقلونى سيعذبونى قليلا او سيسجنوننى.. لكن فى احداث العباسية رايت الموت بالفعل.. الجيش لم يكن يريد ان "يدى علقة ويمشى" ده كان عايز يعتقل ويبيد مايقدر عليه.. ومن يعتقل كانو ينهالون ضربا وسحلا وكان البلطجية يكملون عليه.. كنا نرى بوضوح البلطجية والجيش والداخلية ايد واحدة – كما فى احداث مجلس الوزراء - والبلطجية بالاسلحة والسكاكين والسواطير بجانب الداخلية والجيش وهما يسلمو الرهائن – اللى هما احنا – لبعضهما البعض..
الجيش قام بعمل
3 كماشات واحدة بين اول ومنتصف ش العباسية وواحدة حبسو الالاف داخل ميدان العباسية
وواحدة ما بين غمرة والدمرداش.. لاول مرة نرى مدرعات الجيش وهى تهرول فى الشوارع
وفوق الكبارى وراء المتظاهرين.. اى مواطن يمر صدفة فى شارعى امتداد رمسيس
او لطفى السيد كان معرض للاعتقال او السحل فورا بالاضافة الى انتشار البلطيجة
فى كل حوارى العباسية.. اى ملتحى كان يضرب فورا حتى الموت او يعتقل ويسلم للجيش.. بالتاكيد
الالوف والالوف من الذى شهدوا الاحداث هم من يستشعرون بهول ما حدث نظرا للتعتيم
الاعلامى الكبير جدا واعتقاد الكثيرين انه "كان هناك بضع مئات من انصار ابو
اسماعيل فقط لاقتحام الوزارة بالاسلحة..!!!"
انا على يقين ان من مروا بهذه المذبحة لن يغفرو
للمجلس العسكرى حتى ولو بعد حين..
رغم كل هذا ما
مررت به خلال هذا اليوم فانه لا يساوى 5 فى المائة من ما مر به الاخرون من الشهادات
والفيديوهات التى شاهدتها فيما بعد..
بالفعل كانت
حرب ابادة رهيبة لم اتخيل ان اراها يوما على ارض مصر وذكرتنى باحداث سوريا والشبيحة..
ربنا يستر على مصر..
احمد عاطف
الاربعاء 9 مايو 2012
الاربعاء 9 مايو 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق