الأحد، 11 يناير 2015

مزيد من الفضفضة في وسط هذا الخراء


من وقت تجربتي المحدودة جداً في الحبس -جوه معسكر الجبل الأحمر مع 89 شاب من أجمل الشباب اللي عرفتهم في حياتي- وأنا حسيت بإحساس المعتقلين المجهولين عموماً -كتير مجرب ووصله نفس الإحساس- وإن الكل واحد جوه السجن والظلم عليهم واحد, ولما تفرغت للعمل على قضايا المعتقلين, كنت دايماً بحاول متكلمش عن صحابي المعتقلين أو اللي كتير يعرفهم, لكن أنشر جلسات قضايا وتجديدات معتقلين محدش يعرفهم أو ملهومش صوت بره, حتى لو أحياناً بحس إني كده بقصر مع صحابي المقربين.


ومن ساعة تفرغي واندماجي وسط المحامين الحقوقيين على الأرض وعلاقاتي القوية بكتير منهم خلال أكثر من سنتين, فهمت أكتر وتعمقت في جانب الإجراءات الجنائية وهيكلة الدولة الأمنية والقضائية من الداخل ومعلوماتية الأجهزة ونظام التقاضي, وكمان من اختلاطي في بعض زيارات السجن, فعلاً بدأت استوعب إن أزمة مصر الحقيقة في العدالة الجنائية مش مقتصرة بس على القضايا السياسية, لكنها أزمة هيكلية جذرية على كل المستويات لعدة أسباب منها قصور الوصول للمعلومات وفساد وعشوائية وسائل جمع الأدلة والشهادات والنظام البيروقراطي المكتبي للتحريات والحبس والحيثيات وقاعدة "ما استقر في وجدان القاضي" وثغرات وتضارب القوانين وفتح باب تعيين أفراد الأجهزة الأمنية إدارياً داخل الجهاز القضائي وعدم وجود نظام مفعل لمحاسبة الأجهزة الأمنية والقضائية. حتى المحبوسين جنائياً نسبة كبيرة منهم مظاليم فعلياً, جايز يكون منهم مجرمين فعلاً بس مظلومين في قضيتهم أو مظلومين في قضايا تانية ملهومش علاقة بيها, لأسباب عديدة. المشكلة الحقيقية لمظلومية وقائع "الاشتباه والقبض والاحتجاز والحبس الإحتياطي ثم المحاكمة" هي انعدام المباديء الأساسية وهي: سلامة الإجراءات, والحق في محاكمة عادلة, والمساواة أمام القانون, والحق في الصحة والسلامة الجسدية والمعنوية داخل أماكن الاحتجاز, وتفعيل نظام مستقل لمحاسبة الأجهزة الأمنية والقضائية, وأخيراً استقلال السلطة القضائية.

ورغم كل ده, رغم إني بيعدي عليا مظاليم كتير -ألوفات حصراً أو بشكل مباشر منذ أحداث العباسية الثانية- بس فعلاً بعد حكم قضية "الإتحادية" النهاردة أنا حسيت بطعنة شديدة بالقلب ثم انكسار ثم غضب. قبل كده, حتى مع الأحكام خلال عهد مرسي, كنا عارفين إن لسه فيه إجراءات تانية ومنافذ فرعية لخروج المعتقلين, طبعاً كان فيه أحكام نهائية متناثرة ونادرة جداً زي العباسية أو قضية "معتقلي دار القضاء 6-6-2012" -كان فيها ناهد بيبو برضه- بس قضية "الإتحادية" تحديداً أعرف فيها 13 شخص ما بين علاقة شخصية مباشرة قوية أو غير قوية أو معرفة غير مباشرة.
مش عيب إننا نتألم أكتر للي نعرفه, وده مش معناه إننا موافقين على ظلم باقي البني آدمين, لإننا في الآخر بشر وكتلة من المشاعر والعلاقات الاجتماعية تجمعهم شوية مواقف.

المشكلة في قضية "الإتحادية" هي إنه حكم نهائي -ما قبل النقض- والشباب حقيقي محتاجين معجزة عشان يطلعوا قبل المدة كاملة, فيه ناس غلابا هيقولوا ممكن عفو رئاسي, وفيه أغلب منهم هيقولوا فيه فرصة في إشكال وقف التنفيذ أو النقض, وفيه أغلب وأغلب هيقولوا الأمل في حكم بعدم دستورية مواد بقانون التظاهر, بس للأسف الحقيقة المرة إن فيه حاجة فوق اسمها "الإرادة السياسية", وفيه حاجة أوسخ اسمها "بيروقراطية أجهزة الدولة", أي معتقل بياخد حكم جنايات أو جنح مستأنف حضورياً بيكون خلاص "اتشفط جوه دوامة بيروقراطية الدولة".
طبعاً من حقنا نتمسك بالمحاولة, بس أنا بحب أحاول وأنا واقعي جداً عشان اتجنب الصدمة أو اليأس, وكل شيء ممكن برضه في ظل "عشوائية" الدولة اللي إحنا بنعيش فيها.

الحكم ده جايز يفتح بوابة لكوارث أحكام نهائية مماثلة مستهدفة كتلة "التيار المدني" ومن في صفه, يمكن فيه بالفعل مئات عديدة من "التيار الإسلامي" -اللي فعلاً بيواجه أكبر حملة قمع واعتقال واستنزاف وقتل منذ سنوات عديدة مقدرش أحدد إمتي بالظبط بالأرقام- خلاص اتشفطت جوه "دوامة بيروقراطية الدولة" بأحكام نهائية, أما "التيار المدني" حصله ده في قضايا نادرة جداً بس كلها يمكن استيعاب أبعادها بظروفها الخاصة وارتباطاتها بحسابات سياسية ونهج زمني وجغرافي معين لمنظومة العدالة الجنائية مع واقع "البيروقراطية" و"العشوائية".

فيه حاجة أنا عندي قناعة بيها, إن تضحية المعتقل الأكثر تأثيراً في واقعنا على المدي البعيد, رغم إن تضحيته أقل من الشهيد طبعاً, بس الناس اللي بره ممكن تنسى أو تتناسى شهيد, ممكن تنسى أو تتناسى مصاب, لكن صعب تنسى شخص مظلوم جوه السجن بيتالم وبيضحي بجزء من عمره جوه دلوقتي حالاً عشان اللي بره "حدث مستديم مش لحظي". 

القتل أو التعجيز أو الظلم أو الفساد جايز يكون مصحوب -بالنسبة للي بره- بثورة شديدة ثم خمول أو اكتئاب وممكن يصل لنسيان أو تناسي أو هجرة أو انتحار, لكن السجن بيكون مصحوب بانكسار ثم غضب ومقاومة طويلة.

أحمد عاطف
28 ديسمبر 2014

هناك تعليق واحد:






  1. شركة تنظيف بالطائف
    شركة تنظيف فلل بالطائف
    شركة تنظيف شقق بالطائف
    شركة تنظيف مجالس بالطائف
    شركة تنظيف واجهات بالطائف
    شركة كشف تسربات المياه بالطائف
    شركة كشف تسربات بالطائف
    شركة عزل خزانات بالطائف
    شركة مكافحة حشرات بالطائف
    شركة رش مبيدات بالطائف
    شركة نقل اثاث بالطائف
    شركة تسليك مجارى بالطائف


    شركة تنظيف بجازان
    شركة تنظيف فلل بجازان
    شركة تنظيف شقق بجازان
    شركة تنظيف مجالس بجازان
    شركة تنظيف واجهات بجازان
    شركة كشف تسربات المياه بجازان
    شركة كشف تسربات بجازان
    شركة عزل خزانات بجازان
    شركة مكافحة حشرات بجازان
    شركة رش مبيدات بجازان
    شركة نقل اثاث بجازان
    شركة تسليك مجارى بجازان


    شركة تنظيف بحائل
    شركة تنظيف فلل بحائل
    شركة تنظيف شقق بحائل
    شركة تنظيف مجالس بحائل
    شركة تنظيف واجهات بحائل
    شركة كشف تسربات المياه بحائل
    شركة كشف تسربات بحائل
    شركة عزل خزانات بحائل
    شركة مكافحة حشرات بحائل
    شركة رش مبيدات بحائل
    شركة نقل اثاث بحائل
    شركة تسليك مجارى بحائل


    ردحذف